الجدار

الجدار

بدأ كيان الإحتلال الإسرائيلي ببناء الجدار عام 2002 بهدف إحراز تقدم في عملية ضم الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية ومن أجل توطيد نظام الفصل العنصري المفروض على الفلسطينيين. الجدار لا يحيط بالضفة الغربية كما يدعي كيان الإحتلال بل يتغلغل بعمق داخل الضفة الغربية ليضم المزيد من أراضي الفلسطينيين. 

الضم 

حاليا، يعتبر الجدار أداة مهمة بيد إكيان الإحتلال بينما يتجه لضم الضفة الغربية بحكم القانون. إن مسار الجدار والنظام المرتبط به تم التخطيط له بطريقة تسمح لضم 46% من الضفة الغربية بحكم الواقع والذي أدى إلى فصل المدن والقرى الفلسطينية عن بعضها البعض محولا إياها الى بانتوستانات. 

في عام 2004، حكمت محكمة الجنايات الدولية بعدم شرعية الجدار وجاء في القرار: “تعتبر المحكمة بناء الجدار والنظام المرتبط به أنه يخلق أمرا واقعا على الأرض والذي يمكن أن يصبح أمرا دائما، وفي هذه الحالة، وبغض النظر عن وصف إسرائيل للجدار، فإنه سيكون بمثابة الضم الفعلي.” 

تتوافق حدود المناطق التي سيتم ضمها كما جاء في صفقة القرن مع مسار الجدار في الضفة الغربية، والذي يؤكد أن الجدار بني ليخلق أمرا واقعا من الضم الفعلي للضفة الغربية. وفي النهاية سيجبر الفلسطينيون في المناطق التي سيتم ضمها على الرحيل. كما وسيتم ضم المستوطنات المبنية في الضفة الغربية التي يعيش فيها 98% من المستوطنين. 

نظام الفصل العنصري

تهدف الجدران التي يبنيها كيان الإحتلال الإسرائيلي إلى عزل الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، بما في ذلك حوالي 1.5 مليون لاجئ، لينتهي المطاف بالشعب الفلسطيني العيش على 12% فقط من مساحة فلسطين التاريخية. 

يرسخ الجدار نظام البانتوستانات في فلسطين، وهو أحد ميزات جريمة الفصل العنصري. تحاكي هذه البانتوستانات كلاً من الأساليب التي استخدمها نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا لإبعاد السكان السود إلى مناطق منفصلة وغير مستدامة، وكذلك الأنظمة الاستعمارية الاستيطانية مثل الولايات المتحدة الأمريكية وكندا في عزلها للسكان الأصليين في محميات معزولة، حيث أخذت هذه المحميات كنموذج لبناء البانتوستانات في جنوب افريقيا. 

بالإضافة الى الجدار، يكمل كيان الإحتلال مشروع الفصل العنصري على الأرض من خلال نظام معقد يبلغ طوله حوالي 1660 كيلومترًا من “شوارع الفصل العنصري” في الضفة الغربية والذي يدمر بشكل ممنهج شبكة الطرق الفلسطينية بينما يفرض شبكة طرق مختلفة للإسرائيليين والتي لا يُسمح للفلسطينيين من الضفة الغربية باستخدامها. 

الجدار غير شرعي

في التاسع من شهر تموز عام 2004، أكدت محكمة العدل الدولية في رأيها الاستشاري بشأن التبعات القانونية للجدار، أن الجدار في الضفة الغربية غير قانوني ودعت كيان الإحتلال إلى تفكيكه مع النظام المرتبط به. ووجدت أن كيان الإحتلال يكون ببناء الجدار قد انتهك الحظر المفروض قانونيا على الإستيلاء على الأراضي بالقوة وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، والتي تعتبر قواعد قطعية ملزمة لجميع الدول ولا يسمح باستثناءات منها. 

ومن ثم، قضت المحكمة بأن انتهاك كيان الإحتلال لهذه القواعد وكذلك القانون الإنساني الدولي، يؤدي إلى التزامات قانونية على جميع الدول والأمم المتحدة. وأكدت محكمة العدل الدولية التزام المجتمع الدولي بعدم المساعدة في بناء كيان الإحتلال للجدار والنظام المرتبط به أو الحفاظ عليه. وقد ذكَّرت المحكمة المجتمع الدولي بواجبه في اتخاذ الإجراءات المناسبة لضمان إنهاء هذا الوضع غير القانوني.
بعد 10 سنوات من صدور الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، أصدر 92 من كبار الخبراء القانونيين و41 شبكة قانونية تحليلًا مشتركًا بعنوان “حان الوقت لاتخاذ إجراءات ملموسة” بشأن الآثار القانونية للجدار وقرار محكمة العدل الدولية وحثوا الأمم المتحدة والدول الأعضاء على اتخاذ الإجراءات اللازمة. 

التهجير-النكبة المستمرة 

يعيش حوالي 12٪ من الفلسطينيين في الضفة الغربية في مناطق عسكرية مغلقة في منطقة الأغوار الفلسطينية محاطة بمستوطنات إسرائيلية غير شرعية ومعسكرات عسكرية للجيش الإسرائيلي. 
يعيش الآلاف في قرى وبلدات تقع ضمن مناطق “التماس”. مناطق التماس هي مناطق علق فيها الفلسطينيون بين جدار الفصل العنصري والخط الأخضر[الخط الفاصل بين حدود الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 وعام 1967]. في تقريرنا بعنوان “المدن والقرى الفلسطينية: بين العزلة والطرد” وضّحنا بالتفصيل كيف يواجه هؤلاء الفلسطينيون بشكل متزايد ظروف معيشية لا تطاق – فقدان الأرض والأسواق والحركة وسبل العيش – ويواجه الكثيرون الطرد من بيوتهم. 

تؤثر مناطق التماس على سكان المناطق المعزولة وكذلك الفلسطينيين الآخرين الذين يُمنعون من الوصول إليها، مما يتسبب في فصل وتمزيق الفلسطينيين كليًا عن بعضهم البعض. علاوة على ذلك، نادرًا ما يتمكن المزارعون المقيمون خارج مناطق التماس من زيارة أراضيهم الواقعة في مناطق التماس. 

دمر الجدار مساحة كبيرة من الأراضي الزراعية الفلسطينية وحرم الفلسطينيين من كميات كبيرة من مياههم، بما في ذلك أكبر بئر مياه جوفية في الضفة الغربية.

تسبب الجدار في عزل أكثر من 200.000 فلسطيني من القدس الشرقية عن بقية مناطق الضفة الغربية، ويواجه أهل القدس سياسات سلطات الاحتلال الإسرائيلي لطردهم من مدينتهم بشكل مستمر. 
تشكل منطقة الأغوار ما مساحته 28.5٪ من الضفة الغربية، ولا تزال معزولة بشكل شبه كامل عن باقي الضفة الغربية، وقد أعلنت قوات الاحتلال الإسرائيلي معظم منطقة الأغوار منطقة عسكرية مغلقة. يُظهر تقرير “الهامش الفلسطيني” كيف أن سياسات الاحتلال بما في ذلك الحظر شبه الكامل لبناء أي نوع من البنى التحتية، ونقص الخدمات والقمع المستمر، تجعل صمود الناس في منطقة الأغوار على أرضهم بحد ذاته مقاومة. 

هيكلية الجدار ونظام البوابات

تم بناء %20 من طول الجدار من الاسمنت، وذلك في مناطق بيت لحم وأجزاء من رام الله وقلقيلية وأجزاء من طولكرم وجميع أنحاء محيط القدس. يبلغ ارتفاع الجدار 8 أمتار – ضعف ارتفاع جدار برلين – مع أبراج مراقبة و “منطقة عازلة” بعرض 30-100 متر للسياج والخنادق والكاميرات وأجهزة الاستشعار والدوريات العسكرية.

في مناطق أخرى من الضفة، الجدار هو عبارة عن سياج وأسلاك شائكة وطرق للدوريات العسكرية ومساحات مغطاة بالرمل لتتبع آثار الأقدام هذا بالإضافة الى الخنادق وكاميرات المراقبة.

مهدت “المنطقة العازلة” لجدار الفصل العنصري التي حددها كيان الإحتلال الطريق لعمليات هدم واسعة النطاق وطرد الفلسطينيين الذين يسكنون تلك المنطقة، كما هو الحال في العديد من الأماكن، يقع الجدار على بعد أمتار قليلة من المنازل والمتاجر والمدارس. تم إعلان الأرض الواقعة بين جدار الفصل العنصري والخط الأخضر “منطقة تماس”، ويجب على جميع الفلسطينيين الذين يملكون منازل وأراضي   في مناطق التماس الحصول على تصريح من سلطات الاحتلال للبقاء في منازلهم وعلى أراضيهم.

أنشأ كيان الإحتلال “بوابات” في الجدار بهدف السماح للمزارعين الفلسطينيين الوصول الى أراضيهم. ولكن هذه البوابات لا تضمن بأن المزارعين سيصلون الى أراضيهم ولكنها بدلاً من ذلك تعزز نظام السيطرة الإسرائيلي الخانق، بناءً على التصاريح ونقاط التفتيش حيث يتم الإعتداء على الفلسطينيين بالضّرب واحتجازهم وإطلاق النار عليهم وإهانتهم على الحواجز. في عام 2019، تم تخصيص 74 بوابة وخمسة نقاط تفتيش على طول الجدار لوصول المزارعين الى أراضيهم، من بينها 11 بوابة فقط تفتح يوميًا، و10 بوابات تفتح لبضعة أيام خلال الإسبوع وخلال موسم قطف الزيتون، بينما أغلبية البوابات التي يبلغ عددها 53، تفتح فقط خلال موسم قطف الزيتون.

هذه “البوابات” هي جزء من نظام القيود على الحركة المفروضة على الفلسطينيين والتي يسعى كيان الإحتلال إلى الإبقاء عليها في الضفة الغربية المحتلة. حتى شباط / فبراير 2020، أحصى مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في الأراضي الفلسطينية المحتلة وجود 593 حاجزا عسكريا إسرائيليا بأشكال مختلفة تعيق الحركة في الضفة الغربية، بما في ذلك نقاط التفتيش المزودة بالكامل أو جزئيًا وحواجز الطرق بمختلف أنواعها والبوابات. بالإضافة إلى هذه “البوابات،” نقاط التفتيش أو غيرها من العراقيل المفروضة على الحركة، خلال الفترة بين نيسان/ أبريل 2019 واذار/ مارس 2020، أقام كيان الإحتلال أكثر من 1500 نقطة تفتيش “طيارة،” أي غير دائمة على الطرق الرئيسية لعدة ساعات في كل مرة.

لا يزال الجدار أكبر بنية تحتية لشل وتقييد حركة الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.

الجدول الزمني والتكاليف 

في تشرين الثاني عام 2000، وافق رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك (حزب العمل) على أول مشروع لبناء “جدار”. بدأ بناء الجدار، بما في ذلك مصادرة الأراضي واقتلاع الأشجار، في حزيران 2002 غرب جنين. 

حتى يومنا هذا، تم الانتهاء من بناء 60-70٪ فقط من الجدار البالغ طوله 810 كيلومترات.

اعتبارًا من عام 2020، توقف بناء الجدار. الجزء الأهم من الجدار الذي لم يكتمل بعد هو الجزء المحيط بمستوطنة معاليه أدوميم غير الشرعية شرقي القدس.

حاليا، ينوي كيان الإحتلال توسيع مشروعه الاستيطاني من خلال ضم مناطق من الضفة الغربية تتجاوز حتى المناطق التي تم ترسيمها أثناء تحديد مسار الجدار. تهدف “صفقة القرن” إلى منح كيان الإحتلال المزيد من الأراضي، وجعل الفلسطينيين يعيشون في بانتوستانات أكثر ازدحاما وتنفيذ الضم الكامل لمنطقة الأغوار الفلسطينية. 

كم يدفع كيان الإحتلال مقابل بناء الجدار؟ 

تكلفة بناء الجدار غير معروفة بشكل دقيق، ولكن يقدر المهندس المعماري للجدار داني تيرزا التكلفة بـ 2.56 مليون دولار للكيلومتر الواحد. مع إنشاء ما يقرب من 65٪ من الجدار، فإن هذا يعني أن أكثر من 1.2 مليار دولار أمريكي تم إنفاقها على البناء فقط. وبحسب تيرزا، فإن كل كيلومتر يكلف سنويًا 8٪ من تكاليف البناء كتكاليف صيانة.

تظهر الأرقام التي نوقشت في البرلمان الإسرائيلي في نفس الوقت تقريبًا، نهاية عام 2017، أن كيان الإحتلال أنفق 25 مليار شيكل (7.1 مليار دولار أمريكي) على بناء الجدار.

تزيد الاحتجاجات الشعبية من تكلفة الجدار. خلال محاكمة النّاشط عبد الله أبو رحمة في عام 2010، كشفت الوثائق المقدمة أنه بلغت تكلفة الذخيرة المستخدمة لقمع المظاهرات المناهضة للجدار في الفترة من اب 2008 إلى 2009 6.5 مليون شيكل (1.83 مليون دولار أمريكي)، والجدار الخرساني الذي أقيم في نعلين، ردًا على استمرار قطع السياج والاسلاك الشائكة، بلغت تكلفته 8.5 مليون شيكل (2.39 مليون دولار).

وبالمثل في بلعين، اضطر كيان الإحتلال إلى تغيير مسار الجدار عن المسار المخطط له، حيث أعاد 1000 دونم إلى أهالي القرية، واضطر لبناء جدار اسمنتي بدلا من السياج. في قرية جيوس (قضاء قلقيلية) وفي باقة الشرقية (محافظة طولكرم) تمكنت المقاومة الفلسطينية أيضًا من اجبار كيان الإحتلال على تغيير مسار الجدار، مما زاد التكاليف والجهود التي كان على الكيان بذلها في بناء الجدار وصيانته.

تكلفة الجدار على الفلسطينيين

لا يمكن ببساطة حساب تكلفة العيش في ظل نظام الفصل العنصري الاسرائيلي، حيث يحرم الفلسطينيون من حقوق الإنسان الأساسية بينما يعيشون في بانتوستانات. 

حاول المشاركون في مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) تقديم بعض الأرقام عن الخسائر المالية للاقتصاد الفلسطيني بسبب الاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك الجدار. 

من أجل المطالبة بالتعويضات من كيان الإحتلال عن الخسائر التي تكبدها الفلسطينيون بسبب بناء الجدار، أنشأت الأمم المتحدة سجلاً للأضرار. بحلول السادس عشر من حزيران/يونيو عام 2019، تم جمع 69554 استمارة مطالبة لتسجيل الضرر وأكثر من مليون وثيقة داعمة وتسليمها إلى مكتب سجل الأضرار في فيينا. وشملت الاضرار التي تم تقديمها مناطق طوباس، جنين، طولكرم، قلقيلية، سلفيت، الخليل، رام الله، بيت لحم والقدس. اعتبارًا من يونيو 2019، أقر مجلس إدارة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين 35370 مطالبة من المطالبات التي تم جمعها لإدراجها في السجل. 
ويتمتع سجل الأمم المتحدة بتفويض لجمع وتوثيق الأضرار أو الخسائر التي تكبدها الفلسطينيون نتيجة بناء الجدار. ومع ذلك، ليس لديها تفويض لتقييم الخسارة أو الضرر المطالب به، وبالتالي فهي لا تفي بتوصية محكمة العدل الدولية بتقديم تعويضات لضحايا الأضرار التي تسبب فيها الجدار.

انشاء بانتوستانات “مستدامة”-طويلة الأمد 

في تقريرنا “قم بالفصل العنصري بنفسك”، شجبت الحملة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان عام 2005 خطط البنك الدولي لتسهيل وتنسيق الدعم لمشروع الفصل العنصري الإسرائيلي تحت ذريعة “التنمية”، فضلاً عن الرغبة المقلقة للحكومات الدولية و “المساعدة” لاعتماد مقترحات البنك والتوسع فيها وتنفيذها في نهاية المطاف. في حين أن الجدار، وضم الأراضي، والتشرذم الذي يعاني منه الفلسطينيون، ونزع الملكية يؤدي إلى تدمير ممنهج لأي شكل من أشكال سبل العيش للفلسطينيين، فقد احتشدت المؤسسات الدولية لضمان كيفية استغلال المزارعين الفلسطينيين المحرومين والشباب الفلسطينيين العاطلين عن العمل لصالح رأس المال.

في تقرير لاحق صدر عن الحملة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان بعنوان “تطوير أم تطبيع؟ نقد لمقاربات ومشاريع التنمية في الضفة الغربية “، أظهرنا كيف تم تحسين هذه الخطط وتحويلها إلى” خطة الإصلاح والتنمية الفلسطينية.”

منذ ذلك الحين، تتماشى خطط التنمية الفلسطينية والدولية مع نموذج نيوليبرالي يجلب المزيد من الضغط والمعاناة على الشعب الفلسطيني ومن خلال الاندفاع نحو الفردية الذي يقوّض قدرة المقاومة الجماعية. 

الجدار حول غزة

لقد سبق بناء الجدار في الضفة الغربية بناء جدار اخر.  منذ عام 1994، يحيط كيان الاحتلال قطاع غزة بجدار يفصل الفلسطينيين هناك عن بقية العالم.

يُعد قطاع غزة، الذي يبلغ عدد سكانه حوالي 2 مليون نسمة يعيشون على مساحة 365 كيلومتر مربع، أحد أكثر الأماكن كثافة سكانية في العالم. إنه سجن محاط منذ سنوات بالجدران والأسلاك الشائكة. على طول الجدار توجد “منطقة عازلة” تتراوح مساحتها منذ العدوان على غزة عام 2008-2009، الى 300 – 600 متر. أي شخص يقترب من المنطقة العازلة معرض لخطر إطلاق النار عليه. كانت عواقب المنطقة العازلة وخيمة. 25٪ من أخصب الأراضي الزراعية في غزة غير صالحة للاستعمال الان. وقد تصحرت الأراضي الزراعية في المنطقة العازلة حيث أزالت قوات الاحتلال الإسرائيلي البساتين التي كانت موجودة فيها. 15٪ من مزارعي غزة محرومون من العمل وينضمون إلى صفوف العاطلين عن العمل ليعتمدوا على المساعدات الغذائية.

في عام 2019، بدأت وزارة الدفاع الإسرائيلية بناء سياج فولاذي بارتفاع 20 قدمًا سيحيط بالكامل بقطاع غزة والذي يمثل المرحلة الأخيرة لعزل قطاع غزة بالكامل. وسيمتد الجدار لمسافة 65 كيلومترا حول القطاع وسيقع فوق الجدار الخرساني المبني تحت الأرض. من المتوقع أن يكلف المشروع ما يقرب من 3 مليارات شيكل (833 مليون دولار)، مع تكلفة كل كيلومتر من الجزء تحت الأرض من الجدار حوالي 41.5 مليون شيكل (11.5 مليون دولار). تبلغ تكلفة الجدار فوق الأرض 1.5 مليون شيكل (416000 دولار) لكل كيلومتر.

البانتوستانات في الضفة الغربية (مناطق معزولة)

تعتبر سياسة إجبار الفلسطينيين على العيش في البانتوستانات بكل أشكالها بمثابة وضعهم في سجن، وفي الكثير من الحالات إعاقة حصولهم على الخدمات الأساسية. ويؤدي هذا إلى جانب ضياع الأرض والسوق والموارد إلى عدم قدرة المجتمعات الفلسطينية على الاعتماد على نفسها بشكلٍ ملائم والعيش بكرامة. 

البانتوستانات الشمالية 

اكتمل الجزء الشمالي الغربي من الجدار الممتد من جنين إلى قلقيلية (“المرحلة الأولى” 145كم)، وأما في الجزء الجنوبي الواصل إلى سلفيت فمازال في مرحلة البناء. ومن هناك يتداخل مع الجزء الآخر منه ليشكل البانتوستانات الشمالية. 

ضمن “المرحلة الأولى” من بناء الجدار ضم كيان الإحتلال 13 قرية إلى الغرب منه وتقريباً 50 قرية تقطعت أوصالها مع أراضيها بسبب بناء الجدار. 

وقام كيان الإحتلال أيضاً في “المرحلة الأولى” بمصادرة 36 بئر مياه جوفية وأربعة عشر بئر على الأقل مهددة بالتدمير في منطقة الجدار “الفاصلة”. 

البانتوستانات الوسطى

فقدت سلفيت أكثر من خمسين بالمئة من أراضيها، حيث أصبحت معزولة خلف جدار الفصل العنصري. 

وفي شمال سلفيت، يتغلغل الجدار بمساحة 22 كم من الضفة الغربية ليضم التجمع الاستيطاني “أرئيل” فاصلاً بذلك البانتوستانات الوسطى عن الشمال. ويضم هذا التجمع الاستيطاني 2 بالمئة من الضفة الغربية. 

ويزحف الجدار على أراضي الضفة الغربية بمساحة 22 كم لتشكيل اصبعين استيطانيين ويضم التجمعات الاستيطانية التالية: إيمانويل وأرئيل. وهذا الزحف ينتج عنه تشكل بانتوستانات فلسطينية صغيرة ومنعزلة. وبعض التجمعات مثل عزبة أبو آدم، ودار أبو باسل، ووادي قهي منعزلة داخل التجمعات الاستيطانية نفسها. والقرى الثلاثة مثل الزاوية ودير بلوط ورفات شمال أرئيل محاطة بالجدار من الأربع اتجاهات ومتصلةً بباقي الضفة الغربية من خلال النفق. وستفقد أكثر من إثني عشر قرية تقع على طول الجدار آلاف الدونمات من أراضيها الزراعية.

القدس 

يحيط الجدار بالمدينة المقدسة وحلقة المستوطنات المحيطة بها، مما يزيد من عزل القدس عن الضفة الغربية. ويشق الجدار طريقه من قلب القرى والأحياء، فاصلاً بذلك العائلات عن بعضها البعض، ومقطعاً الأوصال الاجتماعية والاقتصادية ومحولاً المناطق التي سرقها المشروع الصهيوني إلى بانتوستانات، وكل ذلك لتحقيق خطط المشروع الصهيوني لجعل القدس العاصمة المستقبلية للكيان الصّهيوني. 

وهنالك مستوطنات جديدة حول القدس مازالت قيد الإنشاء مبنية على الأراضي التي ضمها الاحتلال في مساعيه لزيادة عدد المستوطنين اليهود في المنطقة وتغيير الطابع الديموغرافي للمدينة. ستتحول اثنان وعشرون قرية فلسطينية ومخيم شعفاط للاجئين الفلسطينيين إلى مناطق معزولة بشكل كامل عن القدس والضفة الغربية ومتكدسة ضمن خمس بانتوستانات مختلفة. وأما الجدار في القدس فهو تقريباً مكتمل: فقط أجزاء صغيرة في شمال وشرق المدينة لازالت قيد الإنشاء. وبذلك ستفقد منطقة القدس بما مجموعه تسعون بالمئة من مساحتها عندما يكتمل الجدار. وتعتبر القدس جزءاً مركزياً من خطة التطهير العرقي للفلسطينيين.

يعتبر حق الفلسطينيين في العيش في القدس مُهدد؛ فحسب مكتب الأم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية قام كيان الإحتلال الإسرائيلي منذ العام 2010 إلى أيلول 2020 بهدم 1311 مبنى فلسطيني وتشريد 2269 فلسطيني في القدس. 

البانتوستانات الجنوبية/ بيت لحم/ الخليل

ويحيط جدار الفصل العنصري ببيت لحم في الجانب الجنوبي من الضفة الغربية من خلال امتداده في الجهة الجنوبية من شرقي القدس في كلا الاتجاهين الشرقي والغربي. وبعزل الأرض ببناء الجدار، وضمها للمستوطنات، وإغلاقها من خلال العديد من الذرائع فإن ما نسبته 13% فقط من محافظة بيت لحم ستكون متاحة للفلسطينيين. وتحيط الجدران الإسمنتية في بيت لحم والخليل بالمقدسات الرئيسية في المنطقة، من ضمنها قبة راحيل والمسجد الإبراهيمي . وأما قبة راحيل فيمنع على الفلسطينيين الوصول إليها حيث ضمها الاحتلال مسبقاً. وقد عزل الجدار آلاف من الدونمات في محافظة الخليل، مهدداً بذلك رعي المواشي حيث تعتبر مصدر رئيسي لكسب الرزق في المنطقة. 

الأغوار 

أُحيطت منطقة الأغوار منذ عام 2000 بستة حواجز تتحكم في كل المنافذ لسكان المنطقة. وسُمح للفلسطينيين في الأغوار ممن تثبت هوياتهم الشخصية أنهم يعيشون في واحدة من مناطق الأغوار باجتياز الحواجز، وكان ذلك فقط من عام 2000 إلى عام 2005. وسُمِحَ للفلسطينيين في باقي مناطق الضفة الغربية بالدخول إلى الأغوار فقط إذا كانوا يحملون تصريح خاص تُصدره سلطات الاحتلال الإسرائيلي. 

وقي عام 2006، قام كيان الإحتلال بالإعلان عن خطة ضم 28.5% من الأغوار، بما في ذلك 24 قرية يعيش فيها 85000 بما في ذلك أيضاً الاستيلاء على مصادر المياه وخزانات المياه الشرقية. ويعيش في محافظتي طوباس ونابلس 200.000 فلسطيني ممن يملكون الأرض أو لديهم عائلة في الأغوار منعت من الوصول إليها. 

ورفعت قيود الوصول إلى غور الأُردن بعد عام 2005، ولكن بقيت الحواجز العسكرية قائمة حتى يومنا هذا.

قمع المقاومة الشعبية 

بدأت المقاومة العشبية للجدار والتي تتمثل بالمظاهرات والأشكال المختلفة بالعمل المباشر منذ عملية الهدم الأولى عام 2002 واستمرت منذ ذلك الحين إلى الآن. إن آلة القمع الإسرائيلية قاسية؛ فقد قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي عشرات النشطاء في المظاهرات السلمية ضد الجدار والمستوطنات. وجُرح ما يقارب 500 فلسطيني بنيران الاحتلال الاسرائيلي واعتقل أكثر من 70 فلسطيني منذ عام 2008 حتى عام 2009 في قرية نعلين على سبيل المثال. واستمرت الموجة الأولى من القتل والقمع الممنهجين لمدة عام، وبدأ عام 2004 باستشهاد خمسة فلسطينيين في قرية بدو، والذي أدى إلى تنظيم مسيرات حاشدة ضد بناء الجدار. وفي عام 2005، قتل الاحتلال خمسة أطفال في بيت لقيا. وتكررت نفس موجة القتل خلال الفترة ما بين عام 2008 إلى عام 2009 عندما قامت قوات الاحتلال بقتل خمسة فلسطينيين في نعلين وواحد في بلعين، وتبعه قتل امرأة أُخرى في بلعين عام 2011، وقد كان كل ذلك رداً على المقاومة المستمرة. 

وتستمر المقاومة يومياً، ويستمر معها الاحتلال بضرب المتظاهرين الفلسطينيين وجرحهم من خلال رميهم بالرصاص الحي والقنابل في المظاهرات. وفي الحادي عشر من آذار عام 2020 أعدم الاحتلال الاسرائيلي محمد حمايل وهو شاب من قرية بيتا خلال مظاهرة لتحرير جبل العرمة في محافظة نابلس. وكان محمد يدافع عن المنطقة من استيلاء المستوطنين عليها. وكان هنالك شاب قاصر آخر مشاركاً في نفس المظاهرة استشهد متأثراً بجراحه بعد عدة أيام من استشهاد الشاب محمد حمايل. 

ويستمر العمل الشعبي لمقاومة الجدار والاستيطان عبر الضفة الغربية بالرغم من هذا القمع، حيث تستمر المظاهرات في قريتي كفر قدوم ونعلين اسبوعياً لمقاومة الجدار، والمظاهرات أيضاً مستمرة لمقاومة الاستيطان في قريتي المغير والمزرعة الغربية (بمحافظة رام الله)، وقرية عصيرة (في محافظة نابلس)، وقريتي حارس وبديا (بمحافظة سلفيت). وأدى الحشد الشعبي الناجح والمظاهرات في مناطق أخرى إلى نجاح الفلسطينيين في وقف بناء العديد من البؤر الاستيطانية. 

وفي قطاع غزة، أصبح قمع النضال نحو الحرية شرس ومميت. ففي آذار عام 2018، خرج الفلسطينيون في غزة في مظاهراتٍ شعبيةٍ لمقاومة الجدران المحيطة بغزة، وأطلقوا عليها اسم “مسيرات العودة الكبرى.” وتصاعد بذلك القمع الإسرائيلي كرد على هذه المسيرات. واستنتجت لجنة التحقيق الدولية بشأن مسيرات العودة الكبرى عام 2018 في غزة أن لديها “أسباب كافية للإثبات أن جنود الاحتلال الاسرائيلي انتهكت القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني. وتعتبر بعض هذه الانتهاكات جرائم حرب ضد الإنسانية، ويجب أن تقوم إسرائيل بالتحقيق فيها فوراً.” 


LATEST FROM THE WALL

دعونا نتحد ضد جدران الاستعمار المناخي

ستنعقد الدورة السابعة والعشرون لمؤتمر الأطراف (COP27) في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في شرم الشيخ/ مصر ، في الفترة من 06/10/2022 وحتى 18/10/2022 . تماما كما حدث في المؤتمرات السابقة ، سيبدأ المؤتمر بعدد كبير من الإعلانات وينتهي بجملة قلة العمل لوقف الكوارث المناخية التي تصيب الناس وخاصة سكان جنوب الكرة الأرضية.…

المجتمع المدني الفلسطيني يتوحد في نداء يدعو الى فرض عقوبات على كيان الاحتلال الإسرائيلي

اتحدت مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني في دعوتها للمجتمع الدولي لفرض عقوبات فورية وهادفة كرد على سياسات الاحتلال الاسرائيلي للضم الفعلي والوشيك لأجزاء كبيرة من الضفة الغربية. بينما يضع نظام الفصل العنصري الإسرائيلي اللمسات الأخيرة على مشروع البانتوستانات، الذي يهدف إلى حصار الفلسطينيين الذين لم يُطردوا بعد من وطنهم، فقد ان الاوان للأمم المتحدة ودول العالم…

من واجب الأمم المتحدة إنقاذ حمصة وإنهاء الفصل العنصري الإسرائيلي

ناقش مجلس حقوق الإنسان التّابع للأمم المتحدة في الثامن عشر من شهر اذارالوضع في فلسطين وذلك بعد الضغط عليه من مئات مؤسسات المجتمع المدني والناس حول العالم. طالبوا جميعهم مجلس حقوق الإنسان بإنقاذ حمصة من التطهير العرقي الذي يمارسه الإحتلال الإسرائيلي ضدهم وطالبوا أيضا بشجب ما يحدث في حمصة وفي التجمعات الأخرى التي تتعرض للتدمير…

مجلس حقوق الإنسان: #أنقذوا_حمصة

منذ الثّالث من شهر تشرين الثاني المنصرم، تعرض تجمع حمصة الفوقا وهو تجمع بدوي فلسطيني في الأغوار الشّمالية للهدم والإقتحام ست مرات من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي. طالبوا مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والذي سيعقد جلسته في الثامن عشر من شهر اذار الجاري باتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاسبة كيان الإحتلال على جرائمه التي يرتكبها بحق…

رغم القمع الإسرائيلي، “حملة لستم وحدكم” مستمرة في دعم المزارعين

للسنة السابعة عشرة على التوالي، تستمر “حملة لستم وحدكم” بدعم المزارعين خلال موسم قطف الزيتون لدعم صمودهم في أراضيهم بالرغم من اعتداءات المستوطنين وجنود الاحتلال الإسرائيلي. حملة لستم وحدكم هي حملة قائمة على التكافل والتطوع انطلقت عام 2003 لدعم المزارعين في الوصول الى أراضيهم في موسم قطف الزيتون للوصول الى أراضيهم في المناطق المهددة بالمصادرة…

في ذكرى قرار التقسيم: الفلسطينيون يرفضون كل خطط أخرى لتقسيم أرضهم

يصادف اليوم التاسع والعشرين من تشرين الثاني الذكرى ال 73 لتقسيم فلسطين، وهو القرار رقم 181 الذي أصدرته الأمم المتحدة عام 1947. للسنة الثالثة والسبعين على التوالي يستمر العمل الشعبي الفلسطيني والمقاومة اليومية التي تعزز صمود شعبنا في وجه النكبة المستمرة والتي بدأت بتبني هذا القرار. ونتج عن قرار التقسيم هذا تهجير الفلسطينيين بأعداد كبيرة…