ورقة حقائق: قطع شريان الحياة- أوقفوا سرقة مياه الفلسطينيين
Posted in

ورقة حقائق: قطع شريان الحياة- أوقفوا سرقة مياه الفلسطينيين

تستعرض ورقة الحقائق هذه التي أعدتها الحملة الشّعبية لمقاومة الجدار والإستيطان بعنوان “قطع شريان الحياة- أوقفوا سرقة مياه الفلسطينيين” الأهمية الإستراتيجية التي يوليها الكيان الصّهيوني (إسرائيل) لنهب مياه الفلسطينيين كأداة لإستعمار وضم مساحات شاسعة من أراضي الضّفة الغربية المحتلة. كما وتسلط الضّوء أيضا على تبعات خطط الضّم الحالية التي تلوح في الأفق على حق الفلسطينيين في الحصول على المياه وكيف تبني خطط الضم هذه على ممارسات سابقة متمثلة بما يسمى بالفصل العنصري المائي الذي يمارسه كيان الاحتلال الاسرائيلي ضد الفلسطينيين منذ عقود.

قائمة المحتويات

أبو محمود

تحويل المياه الى سلاح لضم الضّفة بالكامل

من اتفاقية اوسلو الى صفقة القرن: التخطيط لسرقة مياه الفلسطينيين

الفصل العنصري المائي

الضّم: عملية تسير بسلاسة

الفصل العنصري المائي الإسرائيلي على مستوى العالم

Image

أبو محمود


يروي أبو محمود من تجمع خلة مكحول من الأغوار الشمالية معاناتهم من نقص المياه قائلا: “وصلت درجة الحرارة في الأغوار الفلسطينية اليوم أكثر من أربعين درجة مئوية. لا يوجد ما يكفي من المياه لي ولعائلتي للاستحمام أو الاغتسال بمياه باردة لكي نخفف عن أنفسنا درجات الحرارة المرتفعة. تبعد أنابيب المياه فقط عشرين مترا عنا ولكن الاحتلال الإسرائيلي يمنعنا من الوصول الى مصادرنا من المياه. أنابيب المياه تلك فقط متاحة للمستوطنين الذين يعيشون في المستوطنات المجاورة ولجنود الاحتلال المتواجدين في القواعد العسكرية في المنطقة للاستفادة منها. عادة ما أشاهد المستوطنين يسقون الأزهار والأشجار في حدائق بيوتهم وأنا في كثير من الأحيان لا أجد ماءا للشرب. هذا شكل من أشكال التمييز والعدوان ضدنا فقط لأننا فلسطينيين بينما هم إسرائيليون.”

ويكمل أبو محمود حديثه مضيفا: “بالإضافة الى استهلاك عائلتي اليومي من المياه، ان توفير مياه كافية للمواشي يشكل عبئا ثقيلا بالكاد أستطيع أن أحمله على أكتافي.” يتعين علي كل يومين أو ثلاثة أيام شراء مياه تنقل في صهريج والتي تكلفني ما بين 220-230 شيكل (ما يعادل 67$). بالمجمل فان توفير احتياجاتنا اليومية من المياه واحتياجات الماشية يكلفني 25000 شيكل سنويا (أكثر من 7000$). ان حرماننا من حقنا في مياهنا يخلق مشكلة اقتصادية أخرى. عدم توفر المياه يمنعنا من زراعة أراضينا والاستفادة منها، ولذلك فنحن مجبورون على شراء الأعلاف للماشية بمبالغ تصل الى 21،000 شيكل (حوالي 6000$) كل أربعة أشهر. أحيانا، عندما لا نستطيع تسويق منتجات الألبان التي نصنعها، أضطر للاقتراض من الناس حتى أستطيع شراء الماء والأعلاف للماشية. ان نظام الفصل العنصري الإسرائيلي القائم يحرمنا من أساس الحياة، من المياه ويخلق أيضا أزمة اقتصادية لنا. أملك 700 دونم من الأرض، لو كنت أستطيع الحصول على مصادرنا من المياه، كنت سأكون في حالة من الرفاه والراحة الاقتصادية.”

” ان تطبيق بنود صفقة القرن على الأرض سيزيد الطين بلة لأن ضم الأغوار بحكم القانون سيعرقل وصولنا الى ما يسمى بمناطق “أ” ومناطق “ب.” كما ويرى أبو محمود أنه بضم الضفة الغربية بحكم القانون، سيحول كيان الاحتلال الإسرائيلي الحواجز القائمة الى معابر تفصل منطقة الأغوار عن باقي حدود الضفة الغربية، والذي يعني أن نبقى محرومين من المياه لفترات طويلة لان حصولنا على مياه الصهاريج المتنقلة من مناطق “أ” و “ب “سيستلزم الحصول على تصريح من سلطات الاحتلال.”

يؤكد أبو محمود أيضا بأن “الاحتلال الإسرائيلي فرض علينا العيش بظروف مزرية ستزداد سوءا مع ضم الأغوار بشكل متعمد لتحقيق أهدافه الاستعمارية الاستيطانية. أنهم يريدون الأرض مفرغة من سكانها.” ولكن بالرغم من كل ذلك، “في الماضي” يقول أبو محمود، “كانت العائلات ترحل من هنا الى الأماكن التي تتوفر فيها المياه، ولكن اليوم يرفض الناس الرحيل لأنهم أصبحوا أكثر وعيا بأهداف الاحتلال المتعلقة بالتوسع الاستيطاني من خلال السيطرة على المياه.”

Image

ويؤكد أبو محمود على البعد الاستراتيجي لسيطرة كيان الاحتلال على مياه الفلسطينيين كأداة لتهجيرهم قائلا : “كانت أولى خطوات الاحتلال الإسرائيلي ابان احتلال الضفة الغربية عام 1967 وضع أيديهم على مصادر المياه الفلسطينية من ينابيع وأنهار في منطقة الاغوار الفلسطينية بالتحديد. لقد أحكموا سيطرتهم على مصادر المياه أولا قبل أن يبدأوا عمليا بالسيطرة على الأرض من خلال بناء المستوطنات. ان خطط ضم الضفة الغربية بحكم القانون التي تلوح في الضفة الغربية ستعمل على تأبيد ومفاقمة الوضع القائم المفروض بسبب الضم بحكم الأمر الواقع منذ عقود.”

ان الممارسات اليومية البطولية الصغيرة من المقاومة تتراكم لتروي قصة صمود وتحدي. ولكن أبو محمود يصر على أنه “بالرغم من مقاومتنا وتحدينا للاحتلال الإسرائيلي ومحاولاته محو وجودنا، الا أن المجتمع الدولي، وبالتحديد الدول الأوروبية من خلال مؤسساتهم الأهلية الموجودة في وطننا، الا أنهم لا يدعمون صمودنا بالشكل الصحيح. تعمل الكثير من تلك المؤسسات على امدادنا بأنابيب للمياه مع علمهم بأن الاحتلال الإسرائيلي سيدمرها. وعندما يدمرها الاحتلال لا يقدمون لنا أية دعم سياسي. نحن سنبقى صامدين في أرضنا بالرغم من كل الظروف الصعبة التي نعيشها، ولكننا بحاجة الى دعم أكبر لنا.”

تحويل المياه الى سلاح لضم الضّفة بالكامل

ان أزمة المياه التي يعاني منها الفلسطينيون ليست بسبب المشاكل البيئية التي تعاني منها المنطقة، بل هي مقصودة ومن صنع البشر- من صنع كيان الاحتلال الإسرائيلي. ان مفاقمة الوضع الحالي من نقص المياه في الأغوار الفلسطينية والمناطق الأخرى المستهدفة في خطة الضم هي أيضا ستكون مقصودة وبفعل فاعل. في الحقيقة، ان المناطق التي تعاني من نقص المياه في الضفة الغربية المحتلة والمستهدفة أيضا في خطة الضم هي من أكثر المناطق وفرة بمصادر المياه الطبيعية.

تعد الأغوار الفلسطينية من أغنى مناطق الضفة الغربية بالمياه. يقع نهر الأردن والذي يعد من أهم الأنهار في الضفة وكذلك نهر العوجا في منطقة الأغوار الفلسطينية. لكن سلطات الاحتلال الإسرائيلي قللت من منسوب مياه نهر الأردن بينما حولت نهر العوجا الى جدول صغير بسبب الافراط في استهلاك مياه النهرين. أن المناطق التي تستهدفها خطة الضم تمتاز بوفرة مصادر المياه مثل الأغوار والمناطق الجبلية الشرقية في الضفة الغربية.

حول كيان الاحتلال الإسرائيلي المياه الى سلاح قوي من أجل ضم الضفة الغربية بموجب ما يسمى بصفقة القرن التي أعطت لكيان الاحتلال مزيدا من الضوء الأخضر لسرقة أراضي الفلسطينيين.

من اتفاقية اوسلو الى صفقة القرن: الّتخطيط لسرقة المياه الفلسطينية

ان تحكم الاحتلال الإسرائيلي بمصادر المياه الفلسطينية والذي سيزيد أكثر بعد تطبيق بنود خطة القرن ليس بالأمر الجديد. بحسب اتفاقية أوسلو الموقعة بين كيان الاحتلال الإسرائيلي ومنظمة التحرير الفلسطينية، فان الفلسطينيين مسموح لهم التمتع ب 17% من مصادر مياههم، ولكن بفعل ممارسات كيان الاحتلال العنصرية على الأرض تم تقليلها الى 13%. هذا يعني أن كيان الاحتلال الإسرائيلي يبسط سيطرته على 87% من مياه الفلسطينيين.

ان التقسيم المرحلي (المؤقت) للضفة الغربية الى مناطق “أ” تحت سيطرة السلطة الفلسطينية، ومناطق “ب” تحت السيطرة المدنية الفلسطينية والأمنية الإسرائيلية، ومناطق “ج” تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة بحسب اتفاقية أوسلو تبين أنه لم يكن مؤقتا، بل على العكس تماما فقد كان خارطة الطريق لضم مناطق “ج”.

تعرف تلك المناطق المصنفة “ج” بوفرة مصادر المياه فيها والاحتلال الإسرائيلي يستهدف تلك المناطق بالطبع مما يؤثر سلبا على المناطق الأخرى التي تعتمد على مناطق “ج”.

من خلال شركة المياه الوطنية الإسرائيلية التي تعرف باسم “ميكوروت”، رسخ الكيان الإسرائيلي ما يسمى ب الفصل العنصري المائي، أي تحديد كمية المياه التي يحصل عليها الفلسطينيون في مناطق “أ” و “ب” وحرمان أولئك الذين يسكنون مناطق “ج” من حقهم في المياه كما هو الحال في الأغوار الفلسطينية بينما يتم تزويد المستوطنين بكمية لا محدودة من المياه المسروقة من الفلسطينيين. يؤكد سامي داوود، مسؤول فرع الشمال لمؤسسة الهيدرولوجيين الفلسطينيين بأن “ندرة المياه التي هي في الأساس مشكلة خلقها كيان الاحتلال الإسرائيلي تجبر الفلسطينيين، خاصة في منطقة الأغوار على استهلاك ما لا يزيد عن 35 لتر من المياه للشخص الواحد يوميا. أما بالنسبة للفلسطينيين الذين يعيشون في مناطق “أ” و “ب” فهم ليسوا مستثنون من نقص المياه، حيث يستهلك الفرد العادي يوميا في تلك المناطق 70 لتر من المياه فقط، أي أن استهلاك الفلسطينيين من المياه في كل مناطق الضفة أدنى من الحد الذي توصي به منظمة الصحة العالمية- 100 لتر من المياه للفرد الواحد على الأقل يوميا.

Image

تحد سلطات الاحتلال الإسرائيلي من وصول الفلسطينيين في مناطق “ج” للمياه من خلال منعهم من مد خطوط للمياه أو تطوير شبكات المياه مثل أنابيب وابار المياه. صرح سامي داوود أن أي محاولة تقوم بها مؤسسته “من أجل تزويد الفلسطينيين بالمياه في مناطق “ج” من خلال مد أنابيب للمياه أو بناء ابار يتم عرقلتها من قبل كيان الاحتلال المستوطنين والذين عادة ما يدمرون ما نقوم ببنائه.”

أكد مدير مجموعة الهيدرولوجيين الفلسطينيين عبد الرحمن التميمي ” أن الاحتلال الإسرائيلي خلق أزمة المياه في مناطق “ج” قبل وقت طويل من توقيع اتفاقية أوسلو. بعد ثلاثة أيام فقط من احتلال الضفة الغربية عام 1967 وضعت سلطات الاحتلال يدها على مصادر مياه الفلسطينيين من خلال اصدار الأوامر العسكرية 92 و158، والتي سمحت للاحتلال بإغلاق كل مؤسسات المياه التي كانت تديرها الحكومة الأردنية.”

وبالطبع، فان سرقة مياه الضفة الغربية لها بالغ الأثر على حصة قطاع غزة من المياه، حيث أضاف عبد الرحمن التميمي بأن “الاحتلال الإسرائيلي أعاق تدفق مياه جنوب جبال الخليل باتجاه قطاع غزة. والذي خلق أزمة مياه في غزة. وبسبب منع وصول مياه الضفة زاد ضخ المياه الجوفية في القطاع ما نتج عنه تلوث المياه الجوفية، حيث أصبح ما نسبته 97% من مياه القطاع غير صالحة للشرب.”

الفصل العنصري المائي

كيان الاحتلال الإسرائيلي هو في جوهره نظام فصل عنصري يقوم على توزيع غير عادل للمياه والذي نطلق عليه اسم الفصل العنصري المائي، أي حرمان فئة عرقية معينة (الفلسطينيين) من المياه على حساب فئة عرقية أخرى (المستعمرين الصهاينة) كطريقة لإرغام الفلسطينيين على ترك أراضيهم لإفساح المجال للمزيد من المستعمرين للعيش فيها.

ان نظام الفصل العنصري القائم الذي يسمح للمستوطنين ببناء وتطوير شبكات وابار للمياه بينما يمنع الفلسطينيين في المناطق المصنفة “ج” من القيام بذلك يتناغم مع عقيدة الاستعمار الاستيطاني التي روج لها أبو الحركة الصهيونية ثيودور هرتزل التي عبر عنها في كتابه بعنوان دولة إسرائيل قائلا: “إذا أردت أن أستبدل بناية جديدة محل بناية قديمة، يتوجب علي أن أهدم البناية القديمة قبل أن أبدأ ببناء الجديدة.” تنطبق هذه العقيدة بشكل كامل مع السياسات الإسرائيلية التي تهدم بنية المياه التحتية ومنازل الفلسطينيين في مناطق “ج” من أجل أن تعمر بدلا منها بنية تحتية للمستوطنين.

Image

ان نظام الفصل العنصري الإسرائيلي الذي يعمل على تحويل الضفة الغربية الى بانتوستانات ويحجب مياه الضفة من التدفق الى القطاع، يثبت دعائم الحصار اللا انساني المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من ثلاثة عشر عاما، والذي بدوره يفاقم من مشكلة تلوث المياه الجوفية في القطاع.

يضيف عبد الرحمن التميمي أيضا بأنه “ان تركيز الاحتلال الإسرائيلي منذ احتلال الضفة الغربية على السيطرة على مصادر المياه الفلسطينية يؤكد على الأهمية الجيوسياسية للمياه كأداة لإحكام السيطرة على الفلسطينيين وأراضيهم” من أجل تحقيق أهدافهم الاستيطانية التوسعية.

الضّم: عملية تسير بسلاسة

منذ أكثر من 70 عاما والفلسطينيون في مواجهة عمليات الطرد والترحيل والسيطرة على أراضيهم. في عام 1948، دمرت العصابات الصهيونية أكثر من 500 قرية ومدينة فلسطينية. ولذلك فان النكبة لم تكن مجرد حدث بدأ وانتهى في فترة زمنية معينة، بل هي بنية قائمة من سياسات الطرد والتهجير واستعمار الأرض الفلسطينية ومحو الوجود الفلسطيني وهو ما يطلق عليه الفلسطينيون اسم “النكبة المستمرة.”

سيفاقم فرض السيادة الإسرائيلية على مناطق “ج” ومن ضمنها منطقة الأغوار الفلسطينية من خلال ما يعرف باسم “صفقة القرن” من أزمة نقص المياه التي يعاني منها الفلسطينيون وبالتالي سيسرع من عملية تهجيرهم من أراضيهم لصالح المستوطنين. ان كون الفلسطينيين هم السكان الأصليين يشكل عائقا أمام المستعمرين الصهاينة في مشاريعهم التوسعية الاستيطانية ولذلك فان السيطرة على المياه يمكن اعتبارها سلاح تهجير ومحو للوجود الفلسطيني بطريقة “ناعمة” أو هادئة تتم بدون تأجيج غضب الرأي العالمي والمجتمع الدولي فيما لو كان التهجير يتم بطريقة أكثر عنفا.

صفقة القرن في جوهرها ما هي الا شرعنة وتأبيد الوضع القائم من تهجير وتنكيل بالفلسطينيين وسرقة مواردهم الطبيعية، خاصة المياه. مع حرمان الفلسطينيين بشكل أكبر من حقهم في المياه، ستعاني الأراضي التي بيد الفلسطينيين من التصحر مما سيضرب القطاع الزراعي في فلسطين، أما بالنسبة للمستوطنين الذي يتمتعون بكميات لا محدودة من المياه المسروقة من الفلسطينيين، فسيتمكنون من تحويل الأراضي التي اخذوها من الفلسطينيين بالقوة الى حدائق غناء، وهي أحد الشعارات التي كانت تروج لها الحركة الصهيونية: أن يجعلوا الصحراء (أرض فلسطين) تزهر وتتفتح.

ان سياسات الضم بحكم الأمر الواقع وخطط الضم بحكم القانون ستزيد من الوضع الاقتصادي الفلسطيني سوءا، وستؤثر بشكل مباشر على المزارعين الفلسطينيين ومربي الثروة الحيوانية. وبالتالي سيجبر الفلسطينيون على العمل كأيدي عاملة رخيصة في مزارع المستوطنين ومستهلكين لمنتجاتهم. بالإضافة الى ذلك، فان حرمان الفلسطينيين من المياه أكثر فأكثر يزيد من احتمالية خسارتهم للمزيد من أراضيهم وذلك لأن القانون الإسرائيلي يسمح بمصادرة أراضي الفلسطينيين في حال لم تتم زراعتها والعناية بها لمدة ثلاثة سنوات. ان خسارة الفلسطينيين للمزيد من أراضيهم سيركز وجودهم في بانتوستانات ضيقة ومزدحمة للغاية ليست بأفضل حال من وضع قطاع غزة الحالي.

الفصل العنصري المائي الإسرائيلي على مستوى العالم

يلعب المجتمع الدولي والشركات العالمية دورا فاعلا في ترسيخ وتأبيد سياسات كيان الاحتلال العنصرية التي تحرم الفلسطينيين من حقهم في المياه. ان عقد صفقات مع شركات المياه الإسرائيلية المسؤولة عن ممارسة الفصل العنصري المائي وتسهيل مشاريع الاستعمار الاستيطاني في فلسطين ينتهك القانون الدولي فيما يتعلق بالتزام الدول في عدم دعم أو مساعدة أية دولة تنتهك القانون الدولي كما هو الحال في كيان الاحتلال الإسرائيلي.

  1. منذ احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967، بدأت شركة ميكوروت بتسهيل عملية استعمار الأرض الفلسطينية من سياسات الفصل العنصري المائي. ان أحد مشاريع الفصل العنصري المائي التي قامت بها ميكوروت مؤخرا يتمثل في ببناء خط أنابيب مياه التفافي بالقرب من قرية بردلة في الأغوار الشمالية والذي يسهل من وصول المياه الفلسطينية الى المستوطنات الإسرائيلية بدون المرور من القرى الفلسطينية. تم توقيع هذا المشروع عام 2018 وتقوم على بنائه شركات إسرائيلية وعالمية. ومن بينها شركة سيتكو الامريكية للتكنولوجيا المعدنية، وشركة هايد وليف القابضة الإسرائيلية وشركة هيرينكنيتش أجلان الألمانية ومقرها بلجيكا. وهناك مشاريع أخرى مشابهة يتم بناؤها في مناطق أخرى من الضفة الغربية المحتلة مثل قرى حوارة والنبي الياس وعزون العتمة.
  2. تأسست شركة نيتافيم عام 1965 في كيبوتز حاتزريم وهي مستعمرة إسرائيلية زراعية تقع في النقب المحتل بعد فترة قصيرة من طرد التجمعات البدوية الفلسطينية من المنطقة. تعمل شركة نيتافيم في العديد من المستوطنات الإسرائيلية المقامة في منطقة الأغوار والخليل وغيرها من المناطق لتطوير تقنيات من شأنها الاستفادة بأكبر قدر ممكن من الأراضي الزراعية المسروقة من الفلسطينيين. نجحت نيتافيم في تسويق نفسها للعالم على أنها رائدة عالميا في مجال الزراعة المستدامة واستطاعت بذلك أن تجعل نفسها موجودة في 25 دولة حول العالم. في الحقيقة، نيتافيم لا تعمل على تطوير تقنيات للزراعة المستدامة، بل تساهم في ديمومة الاحتلال والتوسع الاستيطاني في الأرض الفلسطينية من خلال تلك المشاريع الزراعية التي تقوم بها في المستوطنات والتي تعتمد بالدرجة الأولى على المياه الفلسطينية المسروقة.

ان الأساليب التي تطورها كل من ميكوروت ونيتافيم فيما يتعلق بالزراعة من خلال سرقة المياه الفلسطينية واعتبارها امتياز لاقلية عرقية معينة هي لا تضر الفلسطينيين فقط بل العالم ككل.

ان تواطؤ المجتمع الدولي في تأبيد نظام الفصل العنصري المائي يتم ممارسته في مشاريع تدعي خدمة الفلسطينيين. بحسب رأي عبد الرحمن التميمي، فان مشروع تحلية مياه البحر لمواجهة أزمة المياه في قطاع غزة والذي يموله الاتحاد الأوروبي والبنك الأوروبي للاستثمار وبنك التطوير الإسلامي والبنك الدولي، “يعمل على تكريس وتعميق الفصل الذي فرضه كيان الاحتلال الإسرائيلي بين الضفة الغربية وقطاع غزة.” ويضيف التميمي أيضا أن كيان الاحتلال الإسرائيلي هو الرابح الوحيد من هذا المشروع وذلك لان تحلية مياه البحر بحاجة الى كميات هائلة من الطاقة التي يملكها كيان الاحتلال وبالتالي سيضطر الفلسطينيون في القطاع الى تلك الطاقة من كيان الاحتلال. ان الداعمين لهذا المشروع يساعدون كيان الاحتلال على ترسيخ سياسة الفصل العنصري المائي واحكام سيطرته على قطاع غزة. اذا كانت الدول الغربية تريد حقا مساعدة أهالي القطاع لسد نقص المياه، عليها أن تضغط على كيان الاحتلال للسماح بمياه الضفة الوصول الى قطاع غزة، والذي بالطبع يفي بحاجتهم.”